كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ) مَنْ هُوَ فَوْقَ الْمِيقَاتِ أَوْ فِيهِ إلَّا الْمَكِّيَّ لِمَا يَأْتِي فِيهِ (مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) لِيَقْطَعَ بَاقِيَهُ مُحْرِمًا وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَالْإِحْرَامُ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِهَا أَفْضَلُ لِلِاتِّبَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ حَقٌّ إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ هُوَ الْمَسْجِدُ الْمَوْجُودُ آثَارُهُ الْيَوْمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ. اهـ.
(وَيَجُوزُ) الْإِحْرَامُ (مِنْ آخِرِهِ) لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ وَالْعِبْرَةُ بِالْبُقْعَةِ لَا بِمَا بَنَى وَلَوْ قَرِيبًا مِنْهَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ إلَخْ) قَالَ الشَّارِحُ فِي الْحَاشِيَةِ وَكَأَنَّهُ أَيْ السُّبْكِيُّ اعْتَمَدَ فِي إحْرَامِهِ مِنْهُ أَيْ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِيَةَ فِي آدَابِ الْإِحْرَامِ وَسَيَأْتِي عَنْهُ نَفْسِهِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْكَثِيرَةَ الشَّهِيرَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَحْرَمَ عِنْدَ انْبِعَاثِ رَاحِلَتِهِ أَيْ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْبُخَارِيِّ «ثُمَّ رَكِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَسَبَّحَ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ» عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ ضَعِيفَةٌ كَمَا يَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَفِي اسْتِثْنَاءِ ذِي الْحُلَيْفَةِ نَظَرٌ فِي هَذَا النَّظَرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ صَحِيحٌ كَمَا هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ هَلْ الْمُعَارَضَةُ لَازِمَةٌ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ اتِّصَالِ الْبَيْدَاءِ بِالْمَسْجِدِ، بَلْ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاسْتِثْنَاءِ نَعَمْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاؤُهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْبَيْدَاءِ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّتِهَا، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَبْعَدَ مِنْ مَكَّةَ اتِّبَاعًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ وَيُلْحَقُ بِهِ بِنَاءً عَلَى اسْتِثْنَائِهِ كُلُّ مَسْجِدٍ بِمِيقَاتِ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُسَنُّ الْإِحْرَامُ عَقِبَ رَكْعَتَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ نَدْبُهُ إذَا تَوَجَّهَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْهِ بِالْمَسْجِدِ ثُمَّ إنْ قَرُبَ طَرَفُ الْمِيقَاتِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ، وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ يَطُولُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَرَكْعَتَيْهِ حَتَّى لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ عُرْفًا تَوَجَّهَ إلَى مَا دُونِهِ وَأَحْرَمَ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي إلَخْ) أَيْ: فِي أَوَائِلِ فَصْلِ الْمُحْرِمِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِيهِ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ)، وَهُوَ الطَّرَفُ الْأَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِيَقْطَعَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ شَيْئًا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَمِنْ مَسْكَنِهِ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ، وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِهَا إلَخْ) وَقِيلَ مِنْ الْبَيْدَاءِ وَنَّائِيٌّ أَيْ: الَّذِي قُدَّامَ ذِي الْحُلَيْفَةِ بَاعَشَنٍ.
(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ) قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَيُلْحَقُ بِهِ بِنَاءً عَلَى اسْتِثْنَائِهِ كُلُّ مَسْجِدٍ بِمِيقَاتِ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُسَنُّ الْإِحْرَامُ عَقِبَ رَكْعَتَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ نَدْبُهُ إذَا تَوَجَّهَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْهِ بِالْمَسْجِدِ ثُمَّ إنْ قَرُبَ طَرَفُ الْمِيقَاتِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ، وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ يَطُولُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَرَكْعَتَيْهِ حَتَّى لَوْ تُنْسَبَا إلَيْهِ عُرْفًا تَوَجَّهَ إلَى مَا دُونِهِ وَأَحْرَمَ انْتَهَى. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ لَا مَا بَنَى إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بِنَقْضِهَا، وَإِنْ سُمِّيَ بِاسْمِهَا وَنَّائِيٌّ وَنِهَايَةٌ.
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا) فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ فَهُوَ مِيقَاتُهُ، وَإِنْ حَاذَى غَيْرَهُ أَوْ لَا أَوْ (لَا يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ، فَإِنْ حَاذَى) بِالْمُعْجَمَةِ (مِيقَاتًا) أَيْ سَامَتَهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ (أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ)، فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ وَضْعُ الْمُحَاذَاةِ اجْتَهَدَ وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَظْهِرَ لِيَتَيَقَّنَ الْمُحَاذَاةَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ تَعَيَّنَ الِاحْتِيَاطُ (أَوْ) حَاذَى (مِيقَاتَيْنِ) بِأَنْ كَانَ إذَا مَرَّ عَلَى كُلٍّ تَكُونُ الْمَسَافَةُ مِنْهُ إلَيْهِ وَاحِدَةً (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا) مِنْ مَكَّةَ، وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا لَيْسَ لَهُ انْتِظَارُ الْوُصُولِ إلَى مُحَاذَاةِ الْأَقْرَبِ إلَيْهَا كَمَا لَيْسَ لِلْمَارِّ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ، فَإِنْ اسْتَوَتْ مَسَافَتُهُمَا فِي الْقُرْبِ إلَى طَرِيقِهِ وَإِلَى مَكَّةَ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِمَا مَا لَمْ يُحَاذِ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَإِلَّا فَمِنْهُ.
أَمَّا إذَا لَمْ تَسْتَوِ مَسَافَتُهُمَا إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ طَرِيقِهِ وَأَحَدِهِمَا إذَا مَرَّ عَلَيْهِ مِيلَانِ وَالْآخَرُ إذَا مَرَّ عَلَيْهِ مِيلٌ فَهَذَا هُوَ مِيقَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ إذَا مَرَّ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَفْسِيرُ مُرَادٍ وَإِلَّا فَمُحَاذَاةُ الْمِيقَاتَيْنِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ انْتِظَارُ الْوُصُولِ إلَى مُحَاذَاةِ الْأَقْرَبِ) أَيْ إذَا حَاذَى الْأَبْعَدَ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُحَاذِ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ) أَيْ وَيُتَصَوَّرُ مُحَاذَاةُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْآخَرِ مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ الِاسْتِوَاءَ الْمَذْكُورَ بِنَحْوِ انْحِرَافِ طَرِيقِ أَحَدِهِمَا إلَى مَكَّةَ.
(قَوْلُهُ: إلَى مِيقَاتٍ) أَيْ: عَيْنَهُ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَيَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْبُقْعَةِ أَوْ مِنْ مُحَاذِيهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً لَكِنْ إنْ حَاذَى أَحَدَهُمَا وَمَرَّ بِعَيْنِ الْآخَرِ فَالْعِبْرَةُ بِالثَّانِي إذْ الْمُرُورُ بِالْعَيْنِ أَقْوَى مِنْ الْمُحَاذَاةِ كَمَا إذَا حَاذَى ذَا الْحُلَيْفَةِ وَمَرَّ بِعَيْنِ الْجُحْفَةِ. اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا إلَخْ) أَيْ بِمُفْرَدِهِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِمَا أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ) أَيْ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَمَامُهُ وَالثَّانِيَ وَرَاؤُهُ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: مَوْضِعُ الْمُحَاذَاةِ) أَيْ: أَوْ الْمِيقَاتِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: اجْتَهَدَ) أَيْ: إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ فِي التَّحَرِّي إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ كَالْأَعْمَى نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَيَعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ ثُمَّ يَجْتَهِدُ إنْ عَلِمَ أَدِلَّةَ الْمُحَاذَاةِ وَإِلَّا قَلَّدَ مُجْتَهِدًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِيَتَيَقَّنَ الْمُحَاذَاةَ) أَيْ: أَوْ أَنَّهُ فَوْقَ الْمِيقَاتِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ تَحَيَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِظْهَارُ إنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَوْ كَانَ قَدْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ وَوَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَكَوْنُ مَا ذُكِرَ سُنَّةٌ جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحَيْ الْبَهْجَةِ وَالْخَطِيبُ فِي شَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ وَالتَّنْبِيهِ وَالْجَمَّالُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحَيْ الزَّبَدِ وَالْبَهْجَةِ زَادَ الشَّارِحُ حَجّ فِي سَائِرِ كُتُبِهِ وُجُوبَ الِاحْتِيَاطِ عَلَيْهِ إذَا تَحَيَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ وَكَانَ قَدْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ الْحَجُّ أَوْ خَافَ فَوْتَهُ وَأَقَرَّ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَسْنَى وَالْجَمَّالُ الرَّمْلِيُّ فِي شُرُوحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَالْإِيضَاحِ وَالدُّلَجِيَّةِ وَرَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ وَفِي شَرْحِهِ لِابْنِ عَلَّانٍ لَوْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ وَكَانَ الِاسْتِظْهَارُ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عُذْرًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِظْهَارِ حِينَئِذٍ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّمِ وَعَدَمُ الْعِصْيَانِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُجَاوَزَةِ وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي إطْلَاقِهِمْ اسْتِحْبَابَ الِاسْتِظْهَارِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ فَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ رُفْقَةٍ وَأَمِنَ عَلَى مُحْتَرَمٍ وَفَقَدَ عَارِفًا يُقَلِّدُهُ انْتَهَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَفْسِيرُ مُرَادٍ وَإِلَّا فَمُحَاذَاةُ الْمِيقَاتَيْنِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ سم أَيْ: كَمَا يَظْهَرُ بِمُرَاجَعَةِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إذَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ طَرِيقِهِ، و(قَوْلُهُ: مِنْهُ) يَعْنِي مِنْ طَرِيقِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا) أَيْ كَأَنْ كَانَ الْأَبْعَدُ مُنْحَرِفًا أَوْ وَعْرًا فَلَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْأَبْعَدِ أَوْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ سَقَطَ الدَّمُ أَوْ إلَى الْآخَرِ أَيْ: الَّذِي هُوَ الْأَقْرَبُ لَمْ يَسْقُطْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ) أَيْ: إذَا حَاذَى الْأَبْعَدَ أَوْ لَا سم.
(قَوْلُهُ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ) أَيْ عَيْنِهِ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُحَاذِ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ) وَيُتَصَوَّرُ مُحَاذَاةُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْآخَرِ مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ الِاسْتِوَاءَ الْمَذْكُورَ بِنَحْوِ انْحِرَافِ طَرِيقِ أَحَدِهِمَا إلَى مَكَّةَ سم وَكُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ تَسْتَوِ مَسَافَتُهُمَا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ إذَا مَرَّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَأَحَدِهِمَا إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى طَرِيقِهِ و(قَوْلُهُ: وَالْآخَرِ إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أَحَدِهِمَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَهَذَا مِيقَاتُهُ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ أَوَّلًا بِالْقُرْبِ إلَيْهِ ثُمَّ بِالْبُعْدِ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ بِالْمُحَاذَاةِ أَوَّلًا، فَإِنْ انْتَفَى جَمِيعُ ذَلِكَ فَمِنْ مُحَاذَاتِهِمَا كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(وَإِنْ) لَمْ يُحَاذِ شَيْئًا مِنْ الْمَوَاقِيتِ (أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ)؛ لِأَنَّهُ لَا مِيقَاتَ دُونَهُمَا وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي حَاضِرِ الْحَرَمِ أَنَّ الْمَسَافَةَ مِنْهُ لَا مِنْ مَكَّةَ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمَرْحَلَتَيْنِ هُنَا بَدَلٌ عَنْ أَقْرَبِ مِيقَاتٍ إلَى مَكَّةَ وَأَقْرَبُ مِيقَاتٍ إلَيْهَا عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهَا لَا مِنْ الْحَرَمِ فَاعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ مَكَّةَ لِذَلِكَ لَا يُقَالُ الْمَوَاقِيتُ مُسْتَغْرِقَةٌ لِجِهَاتِ مَكَّةَ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ عَدَمُ مُحَاذَاتِهِ لِمِيقَاتٍ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْمُحَاذَاةِ فِي ظَنِّهِ دُونَ نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُتَصَوَّرُ بِالْجَائِي مِنْ سِوَاكُنَّ إلَى جِدَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمُرَّ بِرَابِغٍ وَلَا بِيَلَمْلَمَ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ أَمَامَهُ فَيَصِلُ جِدَّةَ قَبْلَ مُحَاذَاتِهِمَا، وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ فَتَكُونُ هِيَ مِيقَاتَهُ.
الشَّرْحُ:
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ مَكَّةَ) أَيْ: وَتَحْصُلُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يَعْرِفُ تِلْكَ الْمَسَافَةَ أَوْ بِأَنْ يَجْتَهِدَ فِيهَا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ: التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: قِيَاسُ مَا يَأْتِي) أَيْ: فِي فَصْلِ الْأَرْكَانِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَنَّ الْمَسَافَةَ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمَوْصُولِ (وَقَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ قِيَاسُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ: مَكَّةَ.
(قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ يُتَصَوَّرُ) أَيْ: عَدَمُ الْمُحَاذَاةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِلُ جِدَّةَ قَبْلَ مُحَاذَاتِهِمَا إلَخْ) قَالَ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ لَابُدَّ مِنْ مُحَاذَاةِ الْجُحْفَةِ عِنْدَ وُصُولِ جِدَّةَ أَوْ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهَا فَهَلَّا اُعْتُبِرَتْ الْمُحَاذَاةُ وَلَوْ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ جِدَّةَ إلَخْ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(وَمَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْمَوَاقِيتِ «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ»، فَلَوْ جَاوَزَ مَسْكَنَهُ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ بِأَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ نَظِيرُ مَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ هَذَا دَمُ إسَاءَةٍ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ حَاضِرٍ وَلَا غَيْرِهِ بِخِلَافِ دَمِ التَّمَتُّعِ أَوْ الْقِرَانِ، وَفِيمَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ كَأَهْلِ بَدْرٍ وَالصَّفْرَاءِ كَلَامٌ مُهِمٌّ ذَكَرْته فِي الْحَاشِيَةِ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ مِنْهُ أَنَّ مِيقَاتَهُمْ الْجُحْفَةُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ بَدْرٌ مِيقَاتٌ لِأَهْلِهَا فَكَيْفَ أَخَّرَ الْمِصْرِيُّونَ إحْرَامَهُمْ عَنْهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحٍ وَقِيلَ كُلُّ الْحَرَمِ كُرْدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ) أَيَّ قَرْيَةٍ كَانَتْ أَوْ مَحَلَّةٍ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي أَوْ مَنْزِلًا مُفْرَدًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَأَهْلِ بَدْرٍ وَالصَّفْرَاءِ) أَيْ، فَإِنَّهُمْ بَعْدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَقَبْلَ الْجُحْفَةِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ مِيقَاتَهُمْ الْجُحْفَةُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَالْمُخْتَصَرِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مَا قِيلَ بَدْرٌ مِيقَاتٌ لِأَهْلِهَا) أَيْ: فَتَكُونُ مِيقَاتًا لِمَنْ يَأْتِي عَلَيْهَا كَأَهْلِ مِصْرَ فَكَيْفَ أَخَّرَ إلَخْ.
(وَمَنْ بَلَغَ مِيقَاتًا) مَنْصُوصًا أَوْ مُحَاذِيَهُ أَوْ جَاوَزَ مَحَلَّهُ الَّذِي هُوَ مِيقَاتُهُ (غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ أَرَادَهُ فَمِيقَاتُهُ مَوْضِعُهُ) وَلَا يُكَلَّفُ الْعَوْدَ إلَى الْمِيقَاتِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَعَ قَوْلِهِ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ وَمَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي فِي الْعُمْرَةِ أَنَّ مَنْ أَرَادَهَا، وَهُوَ بِالْحَرَمِ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ لَهُ إلَّا حِينَئِذٍ.